قد تتلمذ الامام ابن الأثير على العديد من الشيوخ نذكر منهم: مسلم بن علي السّحي، و الخطيب ابو الفضل الطوسي، و عبد الوهاب بن سكينة ... و قد وضع العديد من المؤلفات منها الجامع الكبير، آداب السياسة، الكامل في التاريخ، و كتاب اسد الغابة الذي بين ايدينا و هو مرتب على الحروف ...
بدأ
الاهتمام بتدوين "تاريخ الصحابة" في وقت مبكر من تاريخ الاسلام ، لكن
أخبارهم جاءت مبثوثة مفرقة في كتب التراث الاسلامي المتقدمة عامة، ككتب
رواية الحديث (الكتب الستة، و السنن، و الجوامع، و المصنفات .......الخ)، و
كتب السيرة النبوية والمغازي ،و التاريخ العام و الأنساب و التفسير و غير
ذلك ، كما ذكرهم أصحاب كتب الطبقات الى جوار غيرهم من الطبقات الأخرى
كالواقدي (207ه/832م)،و ابن سعد(230ه/845م)،و خليفة بن خياط (240ه/890م)،و
مسلم بن الحجاج (216ه/875م)، ويعقوب بن سفيان الفسويّ (277ه/890م)،و أبي
بكر بن أبي خيثمة (279ه/892م)،وغيرهم، لكن هذه الجهود جاءت مفرقة متناثرة
تجعل الاستفادة المباشرة منها عسيرة.
و لقد لمس علماء الرجال ضرورة وجود
تأليف خاص بتاريخ الصحابة، فكان كتاب (أسماء الصحابة) للامام البخاري
(256ه/869م) أول كتاب مفرد في الصحابة، ثم تبعه كثيرون مثل :
- بقي بن مخلد (276 ه/ 889 م) في (أسماء الصحابة و عدد ما رووا من أحاديث).
- ابن حبّان البُستيّ (354 ه / 965م ) في(تاريخ الصحابة الرواة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم).
- ابن منده ( 375 ه / 1004 م ) في (معرفة الصحابة ).
- أبو نعيم الأصبهاني (430 ه / 1038 م) في (معرفة الصحابة).
- المستغفري (432 ه / 1040 م) في (معرفة الصحابة).
- ابن حزم الظاهري(456 ه /1063م) في(أسماءالصحابة الرواةعن رسول الله صلى الله عليه و سلم ).
- ابن عبد البر ( 463 ه / 1070 م) في (الاستيعاب في معرفة الأصحاب).
- ابن الجوزي (597 ه /1200 م) في (أسماء رواة الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ) و غيرهم كثير.
على
أن هذه المؤلفات و غيرها في هذا المجال تعددت أغراض مؤلفيها بين الاهتمام
برواية الأخبار بأسانيدها و ايراد المتابعات و الشواهد الواردة في موضعها، و
بين الاهتمام بالأنساب و إطالة الكلام فيها، و نحو ذلك فشغلوا عن المقصود
الأصلي و لم يستقص أحد منهم جميع الصحابة فظلت الحاجة لكتاب جامع عمدة في
موضوعه، بعيدًا عن فضول القول .
و هكذا انبرى عز الدين بن الأثير
(555ه/1160م) فوضع كتابه (أسد الغابة في أسماء الصحابة (أو : في معرفة)
الصحابة)، و الذي يشير اليه بعضهم باسم (أخبار الصحابة)و(معرفة الصحابة ). و
هو كتاب حافل (يضم 7500 ترجمة)،استوعب ما سبقه من الكتب في موضوعه و زاد
عليها ،و كانت أهم مصادره :
(الاستيعاب) لابن عبد البر و (معرفة الصحابة) لابن مندة و (معرفة الصحابة) لأبي نعيم الأصبهاني بالاضافة الى :
استدراكات أبي علي الغسّانيّ ( 498ه/1104م على (الاستيعاب) و (ذيل معرفة الصحابة لا بن منده) لأبي موسى المدني(-581ه/1185م).
و يتكون "أسد الغابة" من ثلاثة أقسام هي:
. المقدمة و الصحابة و الصحابيات.
أولا: المقدمة: و فيها أربعة أمور:
1- بيان الهدف من تأليف الكتاب،و توضيح منهجه، و ترتيبه، و رموزه.
2- سياق أسانيد المؤلف الى الكتب التي أكثر من التخريج عنها في كتابه، و بذلك يستغني عن إعادتها في كل موضع ترد فيه دفعا للإطالة.
3- تعريف اصطلاح "الصحابي"، و بيان عدد الصحابة .
4- ترجمة النبي صلى الله عليه وسلم و ملخص سيرته و شمائله بصورة موجزة.
و قد شغلت المقدمة 34 صفحة من القطع الكبير (من طبعة الشعب، مصر).
ثانيا : الصحابة : و هو أكبر أقسام الكتاب (6أجزاء)، وهو قسمان:
الأسماء (5أجزاء)،الكنى- وهو ما أوله (أبو)- و ملحقاتها( جزء واحد).
ثالثا: الصحابيات: و هو جزء واحد (السابع)، وهو أيضا قسمان : الأسماء و الكنى وملحقاتها أيضا.
و
قد ألحق بالكنى في كلا القسمين : من عرف ب (ابن فلان) أو (بنت فلان) و
المبهمون والمبهمات مثل : والد فلان، أخي فلان، خال فلان، عم فلان، رجل...
الخ .و كذا :أخت فلان، بنت فلان، جدة فلان، خالة فلان، عمة فلان، زوجة
فلان،امرأة، جارية، ظئر........ الخ.
ميزات الكتاب :
امتاز أسد الغابة بميزات متعددة :
1- محاولة الاستقصاء: فقد كان حتى وقت تأليفه أجمع كتاب ألّّف في باب ، و لم يسبق مثله .
2-
حسن الترتيب: فهو مرتب ترتيبا هجائيا، مما يسهل استعماله، و كانت كتب
الصحابة قبله مرتبة على الطبقات أو السنوات أو الأحداث عسيرة الترتيب.
3- حسن الوضع : حرص مؤلفه أن يكون مناسبا لموضوعه، فأهمل الأسانيد و الأنساب ، كما أهمل تراجم المخضرمين ؛ لأنهم ليسوا من الصحاب.
4-
التنقيح و التحقيق في كثير من القضايا : حرص مؤلفه على تحقيق مواضع أخطأ
فيها من قبله، كما حرص على ضبط المشكل من الأسماء، و شرح غريب الألفاظ.
رأي العلماء فيه :
لقد
وقع الكتاب من العلماء الموقع الحسن، فأقبلوا عليه، وانتفعوا به، و أحالوا
عليه، و أثنوا عليه الثناء الجميل، فوصفه السبكي بأنه ((كتاب حافل)) و قال
النووي ((و قد جمع الشيخ عز الدين ابن الأثير الجزري في الصحابة كتابا
حسنا جمع كتبا كثيرة، و ضبط و حقق أشياء حسنة)) و قال السراج البلقيني: (( و
قد جمع ابن الأثير في الصحابة كتابا عضيما نبه فيه على زيادات مهمة جمة)).
Asad Al-Ghâba fî Ma‘rifat As-Sahâba اسد الغابة في معرفة الصحابة