رؤية الله- الإسلام والإيمان – القرآن كلام الله- القضاء والقدر- الإيمان بالرسل والكتب والملائكة
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وبعد:
فإن توضيح العقيدة الصحيحة وبيانها وتجلية أمرها والدعوة إليها هو أهم المهمات وأعظم الواجبات لأنها الأساس الذي تبنى عليه أعمال الناس فلا تصح ولا تقبل إلا إذا كانت مبنية على معتقد صحيح سليم خال من الشوائب والمكدرات وهذا ما كان عليه رسل الله جميعاً – صلوات الله وسلامه عليهم- وكذلك أتباعهم بإحسان وهذا ما دعا إليه وأكد عليه خاتم الرسل محمد صلى الله عليه وسلم وكذا تابعوه إلى يومنا هذا فقد أكدوا على إصلاح العقيدة والبعد عن كل ما يناقضها وهذا هو مسلك القرآن الكريم الذي جاءت معظم سوره تؤكد على هذه العقيدة وتبين معالمها وقد تنزل هذا الكتاب العظيم طيلة العهد المكي على رسولنا صلى الله عليه وسلم يدعو إلى التوحيد وإصلاح العقيدة وبيان ما يضادها من جميع الجوانب.
إن العقيدة الإسلامية هي التي بعث الله من أجلها رسله وأنزل بها كتبه ولا يقبل من أحد عملاً إلا بها كما أخبر عن ذلك ربنا - جل وعلا- بقوله [وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (1 ) ، وقال تعالى [وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ] (2 ) .
ومتى تمسك المسلم بهذه العقيدة الصحيحة فقد عصم دمه وماله في الدنيا كما أخبر عن ذلك رسولنا صلى الله عليه وسلم بقوله {أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها}(3 ) .
ومن تمسك بها فإنها تنجيه يوم القيامة من عذاب الله كما جاء في الحديث {من لقي الله لا يشرك به شيئاً دخل الجنة ومن لقيه يشرك به شيئاً دخل النار}(4 ).
وهذه العقيدة الصحيحة هي سبب قبول الأعمال ومغفرة الذنوب قال الله تعالى [مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ] (5 ).
أما أصحاب المعتقد الفاسد فعملهم حابط باطل كما أخبر ربنا –جل وعلا-
[وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ ] (6 ) وقال تعالى [إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ ] (7 ).
هذه الأمور وغيرها جعلت أمر العقيدة ذا أهمية قصوى فوجب تعلمها وتعليمها ولذا اهتم بها أهل العلم سلفاً وخلفاً بينوا أصولها ووضحوا مسائلها وركزوا على ما يناقضها.
وإن التعليم في بلادنا الغالية –المملكة العربية السعودية- يتميز على غيره بالاهتمام بالعقيدة والتركيز عليها في مختلف مراحل الدراسة للبنين والبنات. ولقد شرفتني كلية التربية للبنات في محافظة الزلفي بتدريس مادة العقيدة في سنوات الكلية وأخبروني أن المقرر على الطالبات (شرح الطحاوية) ولما كان هذا الكتاب يصعب فهمه على كثير من الطالبات استخرت الله في تيسير بعض مباحثه وعرضها بأسلوب سهل وألقيت ذلك على الطالبات خلال عامي (1423، 1424هـ).
وكانت مجموعة منهن يكتبن هذه المحاضرات وقد اطلع عليها بعض أعضاء هيئة التدريس من الرجال والنساء الذين يدرسون هذه المادة في كليات مماثلة ورغبوا في طباعتها وألحّ عليّ مندوب مكتبة الرشد وذكر لي حاجة الطالبات لذلك وهاتفني أكثر من مرة ملحاً على سرعة إنجازها وهنا استخرت الله وعزمت على إخراجها بعد أن أعدت النظر فيها وأضفت لها بعض الإضافات اليسيرة فما كان فيها من صواب فمن الله وما كان من خطأ فمن نفسي ومن الشيطان وأستغفر الله من كل ذنب وخطيئة وأسأل الله أن ينفع بها كاتبها والمطلع عليها كما أسأله أن يبارك في جهود المخلصين الصادقين وإني بهذه المناسبة أزجي خالص شكري وتقديري للمسئولين عن كلية التربية للبنات في محافظة الزلفي عميدة ووكيلة ورئيسات أقسام وكذا مسئولين عن إدارة تعليم البنات بالمحافظة على جهودهم المباركة كما أسأله أن يوفقنا جميعاً لخيري الدنيا والآخرة وصلى الله وسلم على نبينا محمد.