إن من مفاخر الإسلام ودلائل عظمته هذا الجيل من الصحابة الذين تربوا على يدي النبي صلى الله عليه وسلم، فكان منهم الخلفاء الراشدون، والقادة الفاتحون، والفقهاء المجتهدون، والقضاة العادلون، والدعاة الناصحون. وقد كان لهؤلاء الصحابة الكرامة فضل السبق إلى الإسلام، فعاينوا غربة الإسلام ومحنته وقت ظهوره، فارتوت بدمائهم شجرته، وأيعنت بتضحياتهم ثمرته، وبفضلهم عمّ نور الله على العالمين، وبسط الإسلام سلطانه على المشارق والمغارب، وما وصل النور إلى الأجيال التالية إلا بسببهم، وما دخل قوم في الهداية إلا عن طريقهم.
وقد تفطن أعداء الإسلام إلى أن أسهل الطرق للقضاء على هذا الدين أن يعمدوا إلى رموز الخير في هذه الأمة فيشوهوا صورتهم، ويشككوا في عدالتهم، وبذلك يفقدوا مصداقيتهم لدى الناس، فينهار بنيان الإسلام من أساسه. وإزاء ذلك عكف دعاة وعلماء الإسلام للتصدي لهذه المسألة، وما هذا الكتيب الذي بين أيدينا إلا محاولة من هذه المحاولات التي توضح خطورة الطعن في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وما يترتب على هذا من آثار سيئة على الدعوة الإسلامية، وما ينتجه من طعن في ذات الله ورسوله وفي القرآن.
وليحيط المؤلف بجميع جوانب موضوعه عني بتقسيم بحثه إلى مقدمة وثلاثة مباحث وخاتمة أما المقدمة: فضمّنها نبذة مختصرة تحدث فيها عن أهمية بحثه وسبب اختياره له، وعناصره الرئيسية. أما المبحث الأول فجمعه تحت عنوان "المنهج القويم في التعامل مع الصحابة الكرام والأدلة عليه" مورداً فيه أهم الشواهد والأدلة التي تؤكد عظمة هذا الجيل من الصحابة، أما في المبحث الثاني والذي هو بعنوان: "خطوة الطعن في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وحكم فاعله".
فجمع الآثار السيئة التي تترتب على الطعن بالصحابة والتي يمكن إجمالها بـ: الطعن في ذات الله تعالى، الطعن في رسول الله صلى الله عليه وسلم، الطعن في القرآن الكريم، الطعن في دعوة الإسلام وشريعته. أما المبحث الثالث فخصصه للتأكيد على ضرورة الترفع عن ذكر ما يسيء إلى الصحابة والإمساك عما شجر بينهم من خلاف.