المؤلف: يوسف بن تغري بردي بن عبد الله الظاهري الحنفي، أبو المحاسن، جمال الدين (المتوفى: 874هـ)
اشتهر "ابن تغري بردي" بحبه للعلم والعلماء، وبمشاركته لهم في بعض المسائل الفقهية وتواضعه للعلم وأهله. هذا وقد حرص ابن تغري على الجمع بين الثقافتين الدينية الأدبية والعسكرية، شأنه في ذلك شأن أبيه، ولذا دار على طائفة لا بأس بها من الشيوخ والأساتذة في الفقه والتفسير والحديث والتاريخ وغيرها، وهذا ما زاد من ثقافته وعلمه ودفعه إلى تدوين تراث تاريخي وأدبي جديراً بالدراسة والتدقيق.
ومن أهم هذه المؤلفات كتاب حوادث الدهور في مدى الأيام والشهور الذي دونه تتمة لما ابتدأ به "المقريزي" حيث يقول: "فلما كان شيخنا الإمام "أحمد بن علي المقريزي الشافعي" أتقن من حرر تاريخ الزمان، واضبط من ألف في هذا الشأن، وأجلّ تحفة اخترعها، كتابه المسمى بالسلوك في معرفة دول الملوك وقد انتهى فيه إلى أواخر سنة أربع وأربعين وثمانمائة وهي السنة التي توفي فيها ولم يأت بعده من يعول عليه من هذا الفن، فلما رأيت ذلك أحببت أن احيي هذه السنة بكتابة تاريخ يعقب تاريخ موت الشيخ المقريزي، وجعلتّه كذيل على كتاب السلوك وسميته: حوادث الدهور في مدى الأيام والشهور، ورتبته على السنين والشهور والأيام، وجعلت ابتدائي فيه من افتتاح سنة خمس وأربعين وثمانمائة".
والمضطلع على كتاب "ابن تغري بردي" يجد أنه لم يسلك فيه طريق الشيخ المقريزي في تطويل الحوادث في السنة وقصر التراجم في الوفيات، بل أطنب في الحوادث وأوسع في التراجم لتكثر الفائدة من الطرفين. هذا وقد جاء الكتاب محققاً وتجلى عمل المحقق بتنظيم مادة الكتاب، ضبط النصوص، وضع فهارس علمية، تخريج سائر ترجمات الكتاب، والتعريف بالكثير من أعلامه.
ترجمة المصنف :
ابن تغري بردي (813 - 874 هـ = 1410 - 1470 م)
يوسف بن تغري بردي بن عبد الله الظاهري الحنفي، أبو المحاسن، جمال الدين: مؤرخ بحاثة. من أهل القاهرة، مولدا ووفاة.
كان أبوه من مماليك الظاهر برقوق ومن أمراء جيشه المقدمين، ومات بدمشق سنة 815 هـ.
ونشأ يوسف في حجر قاضي القضاة جلال الدين البلقيني (المتوفي سنة 824) وتأدب وتفقه وقرأ الحديث وأولع بالتاريخ وبرع في فنون الفروسية وامتاز في علم النغم والإيقاع.
وصنف كتبا نفيسة، منها، «النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة - ط» و «المنهل الصافي والمستوفي بعد الوافي - ط» الجزء الأول منه، في التراجم، كبير، ومختصره «الدليل الشافي على المنهل الصافي» أكمل بهما الوافي للصفدي، و «مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة - ط» و «نزهة الرائي» في التاريخ، منه الجزء التاسع مخطوط، و «حوادث الدهور في مدى الايام والشهور - ط» أربعة أجزاء منه، جعله ذيلا لكتاب السلوك للمقريزي، و «البحر الزاخر في علم الأوائل والأواخر» مطول في التاريخ، منه جزء صغير مخطوط، و «حلية الصفات في الأسماء والصناعات» أدب